قوله عز وجل: {وكذلك بعثناهم} يعني به إيقاظهم من نومهم. قال مقاتل: وأنام الله كلبهم معهم. {ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم} ليعلموا قدر نومهم.{قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم} كان السائل منهم أحدهم، والمجيب له غيره، فقال لبثنا يوما لأنه أطول مدة النوم المعهود، فلما رأى الشمس لم تغرب قال {أو بعض يوما} لأنهم أنيموا أول النهار ونبهوا آخره.{قالوا ربُّكم أعْلمُ بما لبثتم} وفي قائله قولان:أحدهما: أنه حكاية عن الله تعالى أنه أعلم بمدة لبثهم.الثاني: أنه قول كبيرهم مكسلمينا حين رأى الفتية مختلفين فيه فقال {ربكم أعلم بما لبثتم} فنطق بالصواب ورد الأمر إلى الله عالمه، وهذا قول ابن عباس.{فابعثوا أحدكم بورقكم هذه الى المدينة} قرئ بكسر الراء وبتسكينها، وهو في القراءتين جميعاً الدراهم، وأما الورَق بفتح الراء فهي الإبل والغنم، قال الشاعر:إياك أدعو فتقبل مَلَقي *** كَفِّرْ خطاياي وثمِّرْ ورقييعني إبله وغنمه.{فلينظر أيها أزكي طعاماً} فيه أربعة تأويلات:أحدها: أيها أكثر طعاماً، وهذا قول عكرمة.الثاني: أيها أحل طعاماً، وهذا قول قتادة.الثالث: أطيب طعاماً، قاله الكلبي.الرابع: أرخص طعاماً.{فليأتكم برزق مِنْه} فيه وجهان:أحدهما: بما ترزقون أكله.الثاني: بما يحل لكم أكله.{وليتلطف} يحتمل وجهين:أحدهما: وليسترخص.الثاني: وليتلطف في إخفاء أمركم. وهذا يدل على جواز اشتراك الجماعة في طعامهم وإن كان بعضهم أكثر أكلاً وهي المناهدة، وكانت مستقبحة في الجاهلية فجاء الشرع بإباحتها.قوله عز وجل: {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: يرجموكم بأيديهم استنكاراً لكم، قاله الحسن.الثاني: بألسنتهم غيبة لكم وشتماً، قاله ابن جريج.الثالث: يقتلوكم. والرجم القتل لأنه أحد أسبابه. {أو يعيدوكم في ملتهم} يعني في كفرهم.{ولن تفلحوا إذاً أبداً} إن أعادوكم في ملتهم.