سورة الكهف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله عز وجل: {وكذلك بعثناهم} يعني به إيقاظهم من نومهم. قال مقاتل: وأنام الله كلبهم معهم. {ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم} ليعلموا قدر نومهم.
{قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم} كان السائل منهم أحدهم، والمجيب له غيره، فقال لبثنا يوما لأنه أطول مدة النوم المعهود، فلما رأى الشمس لم تغرب قال {أو بعض يوما} لأنهم أنيموا أول النهار ونبهوا آخره.
{قالوا ربُّكم أعْلمُ بما لبثتم} وفي قائله قولان:
أحدهما: أنه حكاية عن الله تعالى أنه أعلم بمدة لبثهم.
الثاني: أنه قول كبيرهم مكسلمينا حين رأى الفتية مختلفين فيه فقال {ربكم أعلم بما لبثتم} فنطق بالصواب ورد الأمر إلى الله عالمه، وهذا قول ابن عباس.
{فابعثوا أحدكم بورقكم هذه الى المدينة} قرئ بكسر الراء وبتسكينها، وهو في القراءتين جميعاً الدراهم، وأما الورَق بفتح الراء فهي الإبل والغنم، قال الشاعر:
إياك أدعو فتقبل مَلَقي *** كَفِّرْ خطاياي وثمِّرْ ورقي
يعني إبله وغنمه.
{فلينظر أيها أزكي طعاماً} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أيها أكثر طعاماً، وهذا قول عكرمة.
الثاني: أيها أحل طعاماً، وهذا قول قتادة.
الثالث: أطيب طعاماً، قاله الكلبي.
الرابع: أرخص طعاماً.
{فليأتكم برزق مِنْه} فيه وجهان:
أحدهما: بما ترزقون أكله.
الثاني: بما يحل لكم أكله.
{وليتلطف} يحتمل وجهين:
أحدهما: وليسترخص.
الثاني: وليتلطف في إخفاء أمركم. وهذا يدل على جواز اشتراك الجماعة في طعامهم وإن كان بعضهم أكثر أكلاً وهي المناهدة، وكانت مستقبحة في الجاهلية فجاء الشرع بإباحتها.
قوله عز وجل: {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يرجموكم بأيديهم استنكاراً لكم، قاله الحسن.
الثاني: بألسنتهم غيبة لكم وشتماً، قاله ابن جريج.
الثالث: يقتلوكم. والرجم القتل لأنه أحد أسبابه. {أو يعيدوكم في ملتهم} يعني في كفرهم.
{ولن تفلحوا إذاً أبداً} إن أعادوكم في ملتهم.


قوله عز وجل: {وكذلك أعثرنا عليهم} فيه وجهان
أحدهما: أظهرنا أهل بلدهم عليهم.
الثاني: أطلعنا برحمتنا إليهم.
{وليعلموا أن وعْدَ اللهِ حقٌّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: ليعلم أهل بلدهم أن وعد الله حق في قيام الساعة وإعادة الخلق أحياء، لأن من أنامهم كالموتى هذه المدة الخارجة عن العادة ثم أيقظهم أحياء قادر على إحياء من أماته وأقبره.
الثاني: معناه ليرى أهل الكهف بعد علمهم أن وعد الله حق في إعادتهم. {إذ يتنازعون بينهم أمرهم} ذلك أنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها وطعام، استنكروا شخصه واستنكرت ورقه لبعد العهد فحمل إلى الملك وكان صالحاً قد آمن ومن معه، فلما نظر إليه قال: لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك فقد كنت أدعو الله أن يريناهم، وسأل الفتى فأخبره فانطلق والناس معه إليهم، فلما دنوا من أهل الكهف وسمع الفتية كلامهم خافوهم ووصى بعضهم بعضاً بدينهم فلما دخلوا عليهم أماتهم الله ميتة الحق، فحينئذ كان التنازع الذي ذكره الله تعالى فيهم.
وفي تنازعهم قولان:
أحدهما: أنهم تنازعوا هل هم أحياء أم موتى؛
الثاني: أنهم تنازعوا بعد العلم بموتهم هل يبنون عليهم بنياناً يعرفون به أم يتخذون عليهم مسجداً.
وقيل: إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب، فأتاه آت منهم في المنام فقال: أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل فإنا من التراب خلقنا وإليه نعود فدعْنا.


قوله عز وجل: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} فأدخل الواو على انقطاع القصة لأن الخبر قد تم.
{قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل} في المختلفين في عددهم قولان:
أحدهما: أنهم أهل المدينة قبل الظهور عليهم.
الثاني: أنهم أهل الكتاب بعد طول العهد بهم. وقوله تعالى: {رجماً بالغيب} قال قتادة قذفاً بالظن، قال زهير:
وما الحرب إلاَّ ما علمتم وذقتم *** وما هو عنها بالحديث المرجّم.
وقال ابن عباس: أنا من القليل الذي استثنى الله تعالى: كانوا سبعة وثامنهم كلبهم.
وقال ابن جريج ومحمد بن إسحاق: كانوا ثمانية، وجعلا قوله تعالى:
{وثامنهم كلبهم} أي صاحب كلبهم.
وكتب قومهم أسماءهم حين غابوا، فلما بان أمرهم كتبت أسماؤهم على باب الكهف. قال ابن جريج: أسماؤهم مكسلمينا ويمليخا وهو الذي مضى بالورق يشتري به الطعام، ومطرونس، ومحسيميلنينا، وكشوطوش، وبطلنوس ويوطونس وبيرونس.
قال مقاتل: وكان الكلب لمكسلمينا وكان أسنهم وكان صاحب غنم. {فلا تمار فيهم إلاّ مراءً ظاهراً} فيه خمسة أوجه:
أحدها: إلا ما قد أظهرنا لك من أمرهم، قاله مجاهد.
الثاني: حسبك ما قصصا عليك من شأنهم، فلا تسألني عن إظهار غيره، قاله قتادة.
الثالث: إلا مِراء ظاهراً يعني بحجة واضحة وخبر صادق، قاله علي بن عيسى.
الرابع: لا تجادل فيهم أحداً ألا أن تحدثهم به حديثاً، قاله ابن عباس.
الخامس: هو أن تشهد الناس عليهم. {ولا تستفت فيهم منهم أحداً} فيه وجهان: أحدهما: ولا تستفت يا محمد فيهم أحداً من أهل الكتاب، قاله ابن عباس. ومجاهد وقتادة.
الثاني: أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ونهي لأمته.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8